donate

حين يستيقظ العقل ويبقى الجسد أسيرًا ( الجاثوم )

كتب بواسطه maha أخر تحديث فى 2025/04/17 17:23



ما هو الجاثوم (شلل النوم)؟

شلل النوم هو حالة مؤقتة تحدث عند الانتقال بين مراحل النوم واليقظة (غالبًا عند الاستغراق في النوم أو عند الاستيقاظ مباشرة). خلال هذه الحالة، يكون العقل واعيًا ومدركًا لما حوله، بينما تكون عضلات الجسم الإرادية مشلولة تمامًا، مما يمنع الحركة أو الكلام.


 

التجربة المرعبة و أعراض الجاثوم

التجربة المرعبة: أعراض الجاثوم
لا تقتصر تجربة الجاثوم على مجرد عدم القدرة على الحركة، بل غالبًا ما يصاحبها مجموعة من الأعراض المخيفة التي تختلف حدتها من شخص لآخر:
الشلل التام: العجز الكامل عن تحريك أي جزء من الجسم أو حتى التحدث، رغم المحاولات المستميتة.
الشعور بالضغط أو الاختناق: إحساس بثقل شديد على الصدر، وكأن شيئًا أو شخصًا يجلس عليه، مما يسبب صعوبة في التنفس.
الهلوسة: وهي من أكثر الأعراض إثارة للرعب، وقد تكون:
بصرية: رؤية أشكال، ظلال، كائنات مخيفة، أو أشخاص في الغرفة.
سمعية: سماع أصوات، همسات، صراخ، خطوات، أو طرق على الباب.
حسية: الشعور بلمسات، سحب، أو وجود كائن يتحرك في الغرفة أو على السرير.
الخوف الشديد والذعر: شعور طاغٍ بالهلاك الوشيك أو وجود خطر داهم.
 

ما وراء الستار التفسير العلمي

لفهم شلل النوم علميًا، يجب أن نفهم دورة النوم، وخاصة مرحلة "نوم حركة العين السريعة" (REM Sleep). هذه هي المرحلة التي تحدث فيها معظم الأحلام. لحمايتنا من تنفيذ أحلامنا وإيذاء أنفسنا أو من حولنا، يقوم الدماغ بإرسال إشارات تُسبب ارتخاءً كاملاً للعضلات الإرادية (فيما يُعرف بـ "ونى العضلات" أو Atonia).

يحدث شلل النوم عندما يحدث خلل مؤقت في هذا النظام: يستيقظ الوعي قبل أن يتم "إيقاف" آلية شلل العضلات هذه، أو تبدأ آلية الشلل قبل أن يغفو الوعي تمامًا. النتيجة هي أنك تكون واعيًا لكن جسدك لا يزال في حالة الشلل الطبيعية المصاحبة لمرحلة الأحلام (REM). أما الهلوسة، فيعتقد أنها ناتجة عن تداخل عناصر الأحلام مع حالة اليقظة الجزئية.


 

همسات الغيب و التفسيرات الشائعة

على مر التاريخ وفي مختلف الثقافات، فُسّرت هذه التجربة المرعبة بطرق مختلفة، غالبًا ما ارتبطت بالكائنات الخارقة للطبيعة. في الثقافة العربية والإسلامية، يُعرف بـ "الجاثوم"، ويُعتقد غالبًا أنه ناتج عن تلبّس الجن أو مضايقتهم للشخص النائم. هذه التفسيرات الثقافية عميقة الجذور ويمكن أن تؤثر بشكل كبير على طبيعة الهلوسة التي يختبرها الشخص، حيث قد تتخذ الهلوسة أشكالاً تتوافق مع معتقداته حول الجن أو الأرواح الشريرة.


 

هل الجاثوم خطير؟


على الرغم من الرعب الشديد الذي تسببه تجربة الجاثوم، إلا أنها في حد ذاتها غير خطيرة جسديًا. إنها حالة مؤقتة تزول من تلقاء نفسها خلال ثوانٍ أو دقائق معدودة، ولا تسبب أي أذى بدني دائم. الخطر الحقيقي يكمن في القلق والخوف الذي قد يستمر بعد التجربة، والخوف من النوم مجددًا، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم.


 

كسر القيود و كيفية التعامل والوقاية


إذا كنت تعاني من نوبات الجاثوم، فهناك خطوات يمكنك اتخاذها:
الحفاظ على جدول نوم منتظم: الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس المواعيد تقريبًا يوميًا.
الحصول على قسط كافٍ من النوم: تجنب السهر المفرط والإرهاق.
إدارة التوتر والقلق: ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو اليوجا.
تجنب النوم على الظهر: يلاحظ بعض الأشخاص أن الجاثوم يحدث بشكل أكبر عند النوم على الظهر.
خلق بيئة نوم مريحة: غرفة مظلمة، هادئة، وذات درجة حرارة مناسبة.
أثناء النوبة: حاول التركيز على تحريك جزء صغير من الجسم (مثل أصابع اليد أو القدم)، فغالبًا ما يساعد ذلك على كسر الشلل. ذكّر نفسك أنها حالة مؤقتة وغير خطيرة وستنتهي قريبًا.
استشارة الطبيب: إذا كانت النوبات متكررة جدًا، أو تسبب لك قلقًا شديدًا، أو تؤثر على جودة حياتك ونومك، فمن الجيد استشارة طبيب لاستبعاد أي اضطرابات نوم أخرى قد تكون مرتبطة بها (مثل النوم القهري أو انقطاع النفس النومي).
 

خلاصة

الجاثوم أو شلل النوم هو ظاهرة تجمع بين الغموض العلمي والرعب الشخصي والتفسير الثقافي. إنه تذكير بالعلاقة المعقدة بين العقل والجسد أثناء النوم، وبالخط الرفيع الذي يفصل أحيانًا بين عالم اليقظة وعالم الأحلام. فهم طبيعته العلمية ومعرفة أنه حالة شائعة وغير ضارة يمكن أن يقلل بشكل كبير من الخوف المصاحب له، ويساعد على التعامل معه بوعي أكبر بدلاً من الاستسلام للرعب.

 

23 مشاهدة
  • شارك المقالة